vendredi 10 août 2007

محمد الخامس : الملك




معالم النضج واختمار التجربة السياسية والدبلوماسية لدى الملك محمد الخامس، بدأت تتبدى وهو يجالس كلا من الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل في أنفا، مكان انعقاد المؤتمر الشهير لسنة 1943. فاستقبلهما شخصيا باعتباره ممثل الدولة وهو يرتدي جلبابه الأبيض، وأقام حفل عشاء على شرف الرئيس الأمريكي، منتزعا منه وعدا بالسعي لدى فرنسا من أجل إنهاء احتلالها للمغرب بعد التخلص من شبح القوات النازية. وكأنما هو حدس الرجل يقوده إلى معرفة مآل السلطة الحقيقية على العالم، وما ستؤدي إليه نتائج الحرب من خروج لأبناء العم سام من عزلتهم الجغرافية ونشر تأثيرهم في أوصال النظام العالمي لعهد الحرب الباردة. وعي سوف يترسخ بعد استقلال المغرب حيث سارع محمد الخامس إلى زيارة واشنطن سنة 1957.لقد وصفت جريدة «التايمز» البريطانية محمد الخامس لحظة وفاته سنة 1961 بكونه كان يعيش مع زوجتين شرعيتين وحوالي 28 جارية، في حين كان عمره لحظة رحيله 51 سنة، وهو الحدث الذي ظل طوال المدة الفاصلة بين وقوعه حتى يومنا هذا محط تشكيك وتعدد للروايات الفاصلة والقاطعة بين أسباب موته والضرورات الطبية الحقيقية التي لزمت إجراء عملية جراحية بسيطة على الأنف كلفت عمر وحياة السلطان الذي سلم سبحته لأحد معاونيه قبيل دخوله قاعة العمليات اعتقادا منه أن الأمر لن يتجاوز بضع دقائق.«...عاد الملك محمد الخامس من سويسرا مريضا، وطرح السؤال هل كان بحاجة إلى إجراء عملية جراحية أم كان في غنى عنها؟ وأذكر أن الحاج أحمد بركاش رحمه الله، وكان آنذاك عاملا على الدار البيضاء، قال لي بأن الطبيب السويسري سأله: ما الحاجة إلى إجراء عملية جراحية للعاهل المغربي؟ وأن المرض أعطي حجما لا يخلو من بعض التهويل. وبالتالي لماذا يدفع باتجاه إجراء عملية جراحية؟ وطلب مني أن أخبر العاهل بذلك طالما هو لم يتمكن من ذلك... وأخبرنا سمو الأمير بأن الطبيب نصح جلالته بألا يتكلم... وبعد ذلك أذيع خبر وفاة الملك؟ يقول الفقيه البصري في كتابه «العبرة والوفاء».لقد شكل محمد الخامس في الفترات التي تلت الاستقلال سنة 1956، محط تتبع للدوائر الاستخبارية الفرنسية والأجنبية، ونقل العديد من الكتاب، من ضمنهم إيناس دال، استنادا إلى معطيات دقيقة كون محمد بن يوسف دخل في علاقة غير واضحة المقاصد مع المال، وكل الإجراءات التي اتخذها السلطان في هذا الاتجاه كانت تخفي من وراءها أشياء ربما هو وحده كان مطلعا عليها، ولعل أولها خشيته من عدم دوام جلوسه على العرش بعد أن استعاده من فيافي المنفى.يحكي إيناس دال في كتابه «الملوك الثلاثة»، أن محمد بن يوسف دخل في مسلسل سريع وغير مدروس لتحويل رؤوس أمواله وأملاكه النفيسة للخارج، ومن ذلك أنه كان يتحكم في حوالي 12 مليار سنتيم يوظفها في استثمارات بالدول الأجنبية منها متجر ضخم بمدينة ميلانو الإيطالية حُدد ثمنه وقتها بـ250 مليون فرنك فرنسي، كما قام بالتوازي مع ذلك بدفع الحكومة المغربية التي كان على رأسها الراحل عبد الله إبراهيم إلى شراء قصوره وإقاماته الملكية.وفي هذا الصدد ينقل إيناس دال أن لقاء جمع محمد بن يوسف بالزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد، وكان وقتها وزيرا للمالية والاقتصاد، عرض عليه السلطان خلاله شراء الدولة لإقاماته الملكية باعتبار أن الملك يجب أن يُسكن في قصوره على حساب الدولة، وهو المقترح الذي رفضه بوعبيد خلال لقائه العاصف مع محمد الخامس، لكن ميزان القوى وقتها سرعان ما سيميل لصالح رغبات الملك المالية.لقد حددت تقارير فرنسية سرية خلال السنوات الأولى من الاستقلال حجم الثروة الملكية لابن يوسف بحوالي 3، 5 مليار فرنك فرنسي، أي ما يعادل حاليا ما قيمته 45 مليار سنتيم، في حين اتجه السلطان إلى بيع شبه كلي لأملاكه العقارية بالمغرب وتحويل قيمها النقدية إلى الخارج، تماما كسعيه إلى تحويل أمواله ومجوهرات العائلة الملكية إلى بنك بمدينة لوزان السويسرية، وهي العملية التي كلفته ليلة 28 أكتوبر 1958 شحن ثماني شاحنات كلها مملوءة بصناديق الثروة الملكية كانت معدة لكي تصحب الملك إلى الخارج عبر الطائرة.ويذهب إيناس دال إلى أن محمد الخامس واظب على تنظيم الحفلات واستضافة أعيان ورموز بورجوازية شعبه قصد جمع الهدايا. وأن بعضهم كان يمتنع عن تلبية دعواته في بعض الأحيان تهربا من ثقل «الواجب
المصدر : المساء

Aucun commentaire: